Tuesday, April 12, 2011

صبيحة يوم سفر

صبيحة يوم سفر

تعود بي الذكريات إلى مساء ليلة الرابع عشر من شهر تشرين أول من عام 1980 حيث كنت استعد للسفر إلى رومانيا لمتابعة دراستي الجامعية , كانت تلك الليلة من الليلي التي لن أنساه ما حييت لأن ذكرها محفورةً في مخيلتي في تلك الليلة جاء لوداعي الأقارب والأهل والجيران والأصحاب اجتمعوا في بيتنا لوداعي ولتصبير أمي على فراقي الذي سيطول , اجتمع الجميع على المصطبة التي كانت مفروشة بفرشات الصوف ومجهزة بالمراكي تكريما لمن جاء لوداع أبو الخير كما كانت تقول أمي حفظها الله , جاءت الجدات أم علي وأم عوض والحاجة فاطمة اليوسف لوداعي هن أيضا وكانت كل واحدة تسلم علي وتقبلني وتضع في جيبي مبلغ من النقود كنوع من المساهمة و التكافل ولان الجدات كن يحببني كثيرا وخاصة الجدة أم علي رحمه الله والتي كان لها علي بالفضل الكثير وخاصة عندما كنت ادرس التوجيهي , هكذا كان الأهل والجيران في تلك الفترة إذا نجح أي فرد ينقطوه مبلغ من النقود كمساهمة منهم للتخفيف عنه أو نوع من رد الجميل إلى أهله , وما هي إلا ساعات حتى امتلئ البيت بالأعمام والأخوال والأهل صغارا وكبارا حتى أنه لم يكن هنالك أي متسع وكانت الوالدة حفظها الله تقول وتكرر أهلا وسهلا البيت الضيق يتسع لكل الأحباب والأصدقاء , وكان والدي رحمه الله يطالعني وينصحني ويشد من عزيمتي للمثابرة على الدراسة والرجوع إلى الأهل بشهادة ترفع الرأس وكانت أمي والشقيقات أمل وميسون يحضرن الشاي والقهوة لكل الضيوف أما الأخوات ياسمين وأسمهان في تلك الأيام فلم يتجاوزن الثمانية سنين فكن يلحقن بي أينما اتجهت وأتوقع إنهن لم يدركن بعد ما هو الفراق والسفر والبعد عن الأهل في تلك الليلة وما هو القصد من مجيء كل هؤلاء .........

استأذنت من الوالد والوالدة وذهبت إلى السوق لشراء بعض الحاجيات و بعض ما يلزمني وتصريف دولارات وكان الدولار في تلك الأيام يساوي سبعة وعشرون قرشا يا بلاش وكان معي بعض الأصدقاء وعدنا إلى البيت وعدت وجلست مع اخوي حسين وزكريا الذي كان في الصف السادس الابتدائي ولم انم تلك الليلة فرحة في السفر وخوفا من المجهول .

استيقظت مبكرا فوجدت الوالد والوالدة قد استيقظوا قبلي وقامت الوالدة بتحضير الفطور ولكني لم استطيع تناول أيا من ذلك الفطور وكان والدي رحمه الله قد استأجر سيارة 190 من سرفيس شارع فلسطين لنقلي إلى المطار وكان هذا أحسن الموجود في تلك الأيام وعندما قاربت الساعة العاشرة امتلأت الدخلة التي نسكنها بالجيران والأهل والأصدقاء وكان اغلبهم يبكي على سفري وفراقي ورأفتن بأمي ركبت في السيارة أنا وأمي بعد أن ودعتهم جميعا ,,,,

نظرت إليهم من زجاج السيارة لوحت لهم بيدي أجهشتُ بالبكاء لبكائهم علي ولفراق الأهل والأصدقاء والمكان الذي نشأت وترعرعت فيه طفولتي ومراهقتي .

ذهبنا بالسيارة بعد ذلك إلى بيت صديقي سليم ليسافر معنا في نفس السيارة أخذناه من البيت هو وأمه و اتجهنا إلى مطار ماركا حيث لم يكن غيره في تلك الأيام وشقت السيارة طريقها إلى عمان وعندما وصلنا المطار أخذنا حقائبنا للدخول وعادت أمي وأم زميلي إلى اربد وهن يبكيان والسائق يقول لهن بلهجته العامية ناس رايحيين يدرسوا ويشفوا مستقبلهم تبكن عليهم ويردن عليه والله بعدهم إصغار

هذه حكاية ليلة وصبيحة يوم سفري إلى رومانيا أقصها عليكم من صندوق ذكرياتي المفعم بالذكريات انتظروني في حكاية يوم وصولي إلى رومانيا /بوخارست وذكريات الطائرة التي ربكناها لأول مرة

بقلم المهندس محمد خير ارشيد

2 comments:

Anonymous said...

اخي الحبيب ابو الخير
احب ان اناديك بهذا لانك الخير كله قرات كتابتك التي رجعتني لزمن حسبت اني نسيته ذكريات جميله جدا مدتني بطاقه كبيره
سلمت يداك

wafaa-onize said...

ابن جدتي وخالي العزيز..
انت بهذه الذكريات تلوح بخيالي الى اول سفرة لي كذلك على الامارات كما تعلم رغم صغر سني في ذاك الوقت الا ان المشاعر والاحداث التي وصفتها رسمت بخيالي مع تراكيب ذكرياتي كذلك انها اوقات جميلة سردتها بشكل واقعي اثار شجوننا
دام قلمك خاالي ...

استراتيجية التمويل الأخضر (2023-2028)

  استراتيجية التمويل الأخضر (2023-2028) قام البنك المركزي الأردني بتاريخ 13/11/2023 بإطلاق استراتيجية التمويل الأخضر (2023-2028) . يأتي إط...