قصتي مع رسومات ناجي العلي

قصتي مع رسومات ناجي العلي

خالتي الحبيبة وفاء أبو عنيز

يطيب لي كما وعدتك سابقا بأن أقص عليك حكايتي مع رسومات ناجي العلي وجدتك

خالتي الحبيبة وفاء بدأت حكاياتي مع رسومات ناجي العلي وأنا في بداية المرحلة الثانوية حيث أصبحت أتابع رسوماته التي كان ينشرها رحمه الله في جريدة القبس الكويتية بشكل يومي وكلما أتيحت لي الفرصة لمشاهدتها , كنتفي بعض الأحيان أقص الرسومات لاحتفظ بها في البوم خاص كنت أضعه في خزانتي في مطوا الفراش بعيدا عن أنظار جدتك التي كانت حينها تريدنا فقط ندرس ولا شيء غير الدراسة

خالتي الحبيبة ,,,,,,,,,,,

كنت في بعض الأحيان احكي حكاية بعض الرسومات إلى خالك زكريا وخالتك ميسون وهذا لا يعني أنني كنت أحبهم أكثر ولكن لأنني رأيتُ فيهم موهبة الرسم والفن كنت اسمي لهم شخصيات الرسمة وأقول لهم هذا حنظلة وتلك فاطمة وهذا أبو خليل وذلك أبو كرش الرجل السمين الذي كان يجسد شخصية الرجل الانتهازي والطامع بأبناء الثورة بالإضافة إلى الجندي الإسرائيلي صاحب الأنف الطويل الذي يخاف من حجارة أطفال فلسطين واذكر مرة من المرات بأن أحدهم قال لي كيف أدركت كل ما تعنيه الرسمة الكاريكاتورية لناجي العلي فقلت له بدون تردد لأن الرسمة تحكي بلسان حالي وكل أمثالي , كما أنني اذكر في احدى المرات حكيت لجدتك وأخوالك حكاية رسمة كاريكتورية عندما تقول فاطمة لزوجها شفت يافطة مكتوب عليها عاشت الطبقة العاملة بأول الشارع روح جيبها بدي اعملها أواعي للأولاد.

وهكذا ضممنا جدتك إلى صفنا وأصبحنا في البيت من المناصرين لرسومات ناجي العلي أنا وخالك زكريا الذي أبدع بالتفنن بإتقان رسوماته بالإضافة إلى خالتك ميسون ومع الأيام صارت جدتك تسألنا عن الرسومات وتتابعها بكل حب واشتياق وتتابع الشخصيات التي جسدت رسوماته والتي أحببناها جميعا وخاصة شخصية حنظلة الذي توقف عن النمو عندما خرج من فلسطين والذي اقسم بأن لا يرينا وجههُ إلا عند تحرير فلسطين وشخصية فاطمة التي تجسد الأم الفلسطينية المرأة الولود التي تلد الكثير من الشهداء و الاسرا والمعتقلين وأبو خليل زوج فاطمة الرجل الطيب الذي ينكسر أمام الظروف لصعوبة حالها في العديد من الكريكاتيرات .

ومع الأيام أصبحنا أكثر نضوجا ومعرفتا برسومات ناجي العلي وحياته وخروجه من فلسطين وخاصة جدتك كانت لها قدرة على تفسير رسوماته دون أن تستطيع قرأتها .

وفي عام 1980 أنهيت دراستي الثانوية وحصلت على بعثة دراسية للدراسة في رومانيا وخلال السنة التحضيرية تعرفت على زميل عزيز على قلبي هو محمد أبو غوش ربطتني به علاقة أسرية وثيقة ومتينة حيث زارني هو وخالته أم محمود في أول عطلة صيفية رجعت بها إلى الأردن وكانت خالته معلمة تعشق فلسطين وعندما رأت بأم أعينها محبتنا وعشقنا لرسومات ناجي العلي أحضرت لنا من الكويت كتاب البوم لجميع رسومات ناجي العلي المنشورة وغير المنشورة ........واحتفظت جدتك بالكتاب وما زالت تحتفظ به في بيتها فوق مطوا الفراش لغاية الآن تستطيعي أن تشاهديه وتتصفحيه في زيارتك القادمة إلى الجدة

وهكذا دارت الأيام والليالي واستمرت متابعتنا لرسومات ناجي العلي لحين غيبه الموت بطلقة طائشة من إنسان حاقد في صيف 1987 في لندن مدينة الضباب

وانتهت الحكاية مع ناجي العلي ولكن رسوماته باقية في أذهاننا تحاكي الواقع العربي المرير

وهاأنتم أحفاد أمي قد كبرت وصار منكم من يعشق الفن مثلي ........... وحينها أرى نفسي تنمو بين أجنابكم

في النهاية لكم مني كل المحبة راجيا المولى أن يوفقكم ويعزز خطاكم

وان أراكم قد حققتم لكل ما تصبوا إليها أنفسكم

والى اللقاء مع موعد آخر وحكاية أخرى

بقلم المهندس محمد خير ارشيد